دردشة

في بيتنا بوتس

قبل أعوام، عندما كانت نور صغيرة، كنتُ أكتب لها رسائل أخبرها فيها أننا سنكون صديقتين نتشارك الهوايات والكثير من التفاصيل.
الآن كبرت ابنتي، وصارت تشاركني حب النباتات، ومعارض الكتب، وبعض أنواع الجبنة.
وأحيانًا تقول وهي تبتسم:
“سأكبر وأصبح مثل ماما، تخصص تسويق.”
لكنها اكتشفت مؤخرًا أن هناك مهنة أجمل، وربما تكون معلمة العربي هي الأقرب إليها.

قبل شهور، كان مشوارنا الأسبوعي إلى مكان جديد: المشتل.
تعرّفنا على أنواع النباتات الداخلية، وحصلنا على بوتس وأجلونيما وببروميا، وأعطانا الموظف شتلة نعناع مجانية.

عدنا إلى المنزل، وفي الليل، ونحن في المطبخ نحضّر العشاء، خرج حلزون صغير من الأصيص يرحّب بنا.
كان درس أحياء رائعًا لابنتي، ومفزعًا قليلًا لي!
أحب النباتات، نعم، لكن من دون مفاجآت أو حشرات.

لم تصمد النعناع طويلًا، غادرت منزلنا هي وأوراقها الجافة بعد أسبوع فقط.
أما البوتس، فصمدت ثمانية أشهر كاملة حتى الآن.
أطلقنا على النباتات أسماء كانت من اختيار نور: ريحانة ونعناعة.
أحب أن أسمّي الأشياء لتصبح جزءًا من العائلة.
كنا نستكشف أوراقها ونتعلّم طرق العناية بها.

بعد فترة، بدأت الببروميا والبوتس تفقدان حيويتهما وتذبلا.
كنتُ أتساءل يوميًا: ما الخطأ؟ لماذا فقدت النبتة انتعاشها؟
بحثت عن طرق العناية حتى وجدت فكرة السقاية من الأسفل.

وفي اليوم التالي، استيقظت نور مبكرًا وصوتها يعلوه الدهشة والفرح:
“ماما! انظري، النباتات صارت قوية!”

النباتات تشبه أرواحنا، تحتاج في كل مرة إلى طريقة جديدة لتنمو وتزهر، وهذا ما يحدث لنا أيضًا.
مررتُ بفترة خمول، ربما بعد المرض، وزفاف أختي، وتراكم الأعمال، فبدأت أبحث عن مشاتل في جدة وسماد لنباتاتي الداخلية.
لكن أغلبها كان بعيدًا عن المنزل، حتى تذكّرت مشتل رابية القريب مني، وأنا متحمسة لزيارته.
قد تكون تلك تدوينة أخرى عن النباتات.

أحلم أن أنشئ ركنًا صغيرًا في صالة المنزل، مليئًا بالنباتات الداخلية، يليق بهواء الشتاء ولمسة الصباح البارد وهي تتسلل من النوافذ.أريد أن أعود للرسم ولمشاريعي الصغيرة.

دائمًا أردد:
لو كنتُ فصلًا، لكنتُ الشتاء.
فرغم عثرات المرض وحساسية الجيوب الأنفية، إلا أنه فصل حنون في جدة، تتشارك فيه الوجوه الابتسامات، وتبدو الحياة ألطف، والضجيج أخف، والليالي أطول.

أحتفظ في ملاحظاتي بوصفات لذيذة، وأقربها إلى قلبي وصفة جدتي رحمها الله “حلاوة تركي”.
طحين يُحمّص قليلًا في الزيت، نضيف إليه ماءً وسكرًا وهيلًا حتى يصبح القوام كريميًا.
بعض الوصفات تتداخل معها مكونات أخرى كالحليب والزبدة، لكن وصفة جدتي تبقى الأقرب إلى قلبي.

ماذا عنكم؟
أخبروني عن خططكم للشتاء، وعن نباتاتكم المفضلة.
وبالمناسبة، هناك مدونة جميلة أنشأتها المبدعة وفاء، تكتب فيها عن موضوع، ثم تترك لنا تفاصيل تساعدنا أن نكمل الحكاية في مدوناتنا.
أسْمتها مدونة إبداعية فكرة تحفّز على نشر ثقافة التدوين وتبادل الحكايات الجميلة.

One thought on “في بيتنا بوتس

Leave a comment